سورة ق - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ق)


        


{ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)}
الكلام في {ق والقرءان المجيد بَلْ عجبوا} نحوه في {ص والقرءان ذِى الذكر بَلِ الذين كَفَرُواْ} [ص: 1- 2] سواء بسواء، لالتقائهما في أسلوب واحد. والمجيد: ذو المجد والشرف على غيره من الكتب، ومن أحاط علماً بمعانيه وعمل بما فيه: مجد عند الله وعند الناس، وهو بسبب من الله المجيد، فجاز اتصافه بصفته. قوله بل عجبوا: {أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ} إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب، وهو أن ينذرهم بالمخوف رجل منهم قد عرفوا وساطته فيهم وعدالتهم وأمانته، ومن كان على صفته لم يكن إلا ناصحاً لقومه مترفرفاً عليهم، خائفاً أن ينالهم سوء ويحل بهم مكروه، وإذا علم أنّ مخوفاً أظلهم، لزمه أن ينذرهم ويحذرهم، فكيف بما هو غاية المخاوف ونهاية المحاذير، وإنكار لتعجبهم مما أنذرهم به من البعث، مع علمهم بقدرة الله تعالى على خلق السموات والأرض وما بينهما، وعلى اختراع كل شيء وإبداعه، وإقرارهم بالنشأة الأولى، ومع شهادة العقل بأنه لابد من الجزاء. ثم عوّل على أحد الإنكارين بقوله تعالى: {فَقَالَ الكافرون هذا شَيْء عَجِيبٌ أَءذَا مِتْنَا} دلالة على أن تعجبهم من البعث أدخل في الاستبعاد وأحق بالإنكار، ووضع الكافرون موضع الضمير للشهادة على أنهم في قولهم هذا مقدمون على الكفر العظيم. وهذا إشارة إلى الرجع؛ وإذا منصوب بمضمر؛ معناه: أحين نموت ونبلى نرجع؟ {ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} مستبعد مستنكر، كقولك: هذا قول بعيد. وقد أبعد فلان في قوله. ومعناه: بعيد من الوهم والعادة. ويجوز أن يكون الرجع بمعنى المرجوع. وهو الجواب، ويكون من كلام الله تعالى استبعاداً لإنكارهم ما أنذروا به من البعث، والوقف قبله على هذا التفسير حسن. وقرئ: {إذا متنا} على لفظ الخبر، ومعناه: إذا متنا بعد أن نرجع، والدال عليه {ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ}.
فإن قلت: فما ناصب الظرف إذا كان الرجع بمعنى المرجوع؟ قلت: ما دل عليه المنذر من المنذر به، وهو البعث.


{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)}
{قَدْ عَلِمْنَا} ردّ لاستبعادهم الرجع، لأن من لطف علمه حتى تغلغل إلى ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وتأكله من لحومهم وعظامهم، كان قادراً على رجعهم أحياء كما كانوا. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب»، وعن السدي: {مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ} ما يموت فيدفن في الأرض منهم {كتاب حَفِيظٌ} محفوظ من الشياطين ومن التغير، وهو اللوح المحفوظ. أو حافظ لما أودعه وكتب فيه.


{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)}
{بَلْ كَذَّبُواْ} إضراب أتبع الإضراب الأوّل، للدلالة على أنهم جاؤوا بما هو أفظع من تعجبهم؛ وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوّة الثابتة بالمعجزات في أوّل وهلة من غير تفكر ولا تدبر {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ} مضطرب. يقال: مرج الخاتم في أصبعه وجرج؛ فيقولون تارة: شاعر، وتارة: ساحر، وتارة: كاهن، لا يثبتون على شيء واحد: وقرئ: {لما جاءهم} بكسر اللام وما المصدرية، واللام هي التي في قولهم لخمس خلون، أي: عند مجيئه إياهم، وقيل: {الحق}: القرآن. وقيل: الإخبار بالبعث.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8